معلومات المشروع:

 التصنيف: مناظر طبيعية

تطور الفكر:

ثمة حقيقة تشير إلى أن الإنسان حاول استخدام الموارد الطبيعية بطرق متعددة بغرض البقاء وإستدامة نوعه وإستمرار بقاءه ضمن سياقات شتى أملتها الغرائز ثم تأثير البيئة المحيطة من أرض وجو، وهذا ما صنع تباعا بيئة ثالثة هي البيئة الإجتماعية، لذا مكث الإنسان منقاد وتابع وتحت تأثير تلك البيئات الثلاث. بل أن سر دوام الحياة على الأرض هي إستجابة الإنسان للموائمة ضمن حبكة تلك البيئات. وحسبنا أن الحاضنة الأولى له كانت الجبال بما تضمه من كهوف كانت تشكل اللبنة الأولى من أجل الحماية، ثم أنطلق ليبنى العمائر كما الكهف ليحميه بعيداً عن حاضنة الجبل، فأرتقى بتلك الإنتقالة من البدائية للحضارة، واسس ثقافة تخصه متماهية مع بيئاته، لذا أختلفت الثقافات بحسب سطوة كل منها، فكان الإنسان متأثر ومؤثر. وأمست تلك البيئات إحدى ثوابت الطرز المعمارية بما تقتضيه وتمليه وتظهره، حتى لنجد عمائر جبلية ، تختلف عما بني في السهول النهرية أو على الشواطئ البحرية أو البوادي. وقد أنتجت البيئات ضمن العمارة الخاصة بها مجموعة من المفاهيم  والمعتقدات وسمات عقلية لسكانها. وحسبنا أن إمتزاج المفاهيم الروحية والذهنية مع المنتج المادي أنتج عمارة ضمن حلول للعيش ، تطورت حتى وطأت أزماننا ضمن علاقة راسخة غايتها عدم تعنيف هذا المحيط المعطاء وتطوير ملكاته، وتصاعد الأمر بعد تطور أنساق الحياة الإنتاجية مع ماواكبه من تطلع الإنسان، حتى أنبثقت الرومانسية في الغرب التي تشوق أهلها للبيئة العذراء الأولى، وكان ضمن سياقاتها تجسيد مفهوم العمارة الخضراء ثم الإستدامة وفحواها الإستفادة القصوى من معطيات البيئة، وحسبنا أنها سياق مسترسل ضمن ميراثنا الروحي والفكري، ونحن أولى من غيرنا في ممارستها وإرتقاءها .وهنا نرصد أن الإنسان بجل الجبال وأسبغ عليها سمات وصفات خاصة .وهكذا أصبحت الجبال متاريس للحماية وأمست العمارة الجبلية تجسيد للتورية والإختفاء من الأعداء، ونشهد على ذلك في عمائر الجبال في الحجاز وعسير وبعض عمارة نجد.

الأهمية الروحية للجبال:

في تاريخ الحضارة الإسلامية ، لعبت الجبال دورًا بارزًا في توسع الفكر الإسلامي وممارساته. حيث احتضنت الجبال آدم وحواء -عليهما السلام- كأول بشر. وساهمت سلاسل جبال الصفا والمروة وعرفات في مكة المكرمة في تحديد طابع مكة وما حولها من المناطق الجبلية. وشاهدة على علاقة الإنسان بالجبال العديد من القصص على مر الزمن مثل جبل الجودي الذي رست عليه سفينة نوح عليه السلام بعد الطوفان. كما ارتبطت سلاسل جبال مكة المكرمة بشكل شامل بحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. حيث أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بدأ نزول الوحي عليه وهو في غار "حراء" في جبال مكة.

رمزية الجبل في تاريخ المملكة العربية السعودية:

حينماتحدث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- عن شغف السعوديين وحماسهم وقوتهم وشبهها بجبال طويق الشامخة. ما كان ذلك إلا تأكيدا على الدور الذي تلعبه الجبال في حياة الشعب السعودي وعلاقته بها. حيث يمكن تشبيه الجبال بالتدرج الهرمي للناس وارتفاعاتها بالمراحل العديدة التي يمر بها الإنسان من أجل الوصول للقمة. كما أن العديد من الجبال الموجودة في المملكة العربية السعودية ذكرت من قبل المؤرخون والمغامرون والمسافرون وما زالت تذكر مع التطور الموجود في العصر الحديث. بالإضافة إلى أن الجبال ساهمت في تكوين شخصية الشعب السعودي وثقافته كونها محيطة به وجزء من بيئته، كما تم الإشادة بها في الأدب والفن والنصوص الشعرية بشكل كبير.

السياق التاريخي لجبل أبو مخروق والهدف التصميمي:

يمثل جبل أبو مخروق درجة كبيرة من الإرث الحضاري للمملكة. أشرفت سلسلة الجبال على الكثير من التجارة المزدهرة وكانت مسكنًا للمسافرين كما ذكر ذلك تاريخيًا. وقد خدم الجبل المسافرين من حجر اليمامة إلى البصرة كما ذكر المؤرخان جبير الأندلسي وابن بطوطة. وفي التاريخ الحديث، حققت كذلك هوية رمزية من خلال تتويج مؤسس المملكة العربية السعودية وراعيها صاحب السمو الملكي"الملك عبد العزيز" رحمه الله. حيث أمضى الملك معظم وقته في تصور مسار التنمية لهذه الأرض الموعودة وتطورها العلمي والاجتماعي. كما أنه يستخدمها بشكل شائع لأغراض الترفيه. وبعد توحيد المملكة العربية السعودية استخدم سكان مدينة الرياض الجبال للبحث والدراسة والتخييم حيث كانت أقدم بقعة في المدينة للأغراض الترفيهية. ولهذا فإن جهودنا لاستخدام هذا الجبل الاستراتيجي وإحياء هويته في العصر الحديث ستضيف قيمة إلى هويتها وتغرس أيضًا شعورًا بالمسؤولية لدى المواطنين للحفاظ على تراثهم والاحتفال به. 

إحياء الهوية ورسم الخارطة المستقبلية:

إن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 لا تقتصر فقط على التغييرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، بل تنظر أيضًا باهتمام كبير للتنمية من خلال إبراز العديد من التقاليد والرموز التراثية التي فقدت أهميتها بمرور الوقت والحفاظ على تلك المأثورات الوطنية التي كانت جزءًا من تاريخ تلك الأرض. حيث يتماشى هذا التوجه مع جعل المملكة ضمن أفضل خمس وجهات سياحية في العالم. وقد تم اختيار الاسم الجديد بناءً على الرمزية التي حملها مؤسس هذه الأرض المباركة، في بداية إنطلاقها التوحيدي الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود. الذي حمل الحس الإنتمائي للأرض ،وهذا ماجعله يقدر ملكات كل موقع ويرسم في خططه إمكانية الإرتقاء بها. وثمة دعوة معاصرة للإستثمار السياحي، لاسيما في منطقة الرياض، حيث وجدوا بموقع جبل أبو مخروق إمكانيات واعدة للتطوير الثقافي والسياحي،وجعله مزارا ترفيهيا ومتعدد الوظائف، يوحي بعراقة كل شبر من تلك الأرض وينمي روح الإنتماء والإعتداد، بل والفخر بما أنجز. ولهذا تم تسمية هذا المكان التاريخي بـ " جبل الحاكم "

فلسفة التصميم:

تنبع فكرتنا في تصميم وإحياء هوية هذا الجبل من الاستخدام الأقصى لمساحاته، والاستخدام الاستراتيجي للتباين في الارتفاعات والإستفادة القصوى من التضاريس وتوظيف ثنايا الموقع في إضفاء عالم جمالي لا ينأى عن الوظيفة الحصيفة والإستثمار المادي والذي يكرس الخصوصية الاجتماعية للمجتمع السعودي  والزوايا أثناء التخطيط لهذا المكان المهم اجتماعيًا.

بدأنا تصميمنا بالسؤال الأساسي والمهم: كيف يمكن للإنسان أن يستفيد من العديد من الموارد الطبيعية التي وهبها الخالق؟، كيف يمكن للإنسان أن يعيد تأسيس علاقته بالطبيعة التي تتلاشى مع مرور الوقت مع وطأ الحداثة المعمارية في حياتنا ومنجزنا، بل واستبدال ماهو طبيعي لحالة من إضفاء التصنيع حد التشويه أحيانا بالعديد من الخصائص الاصطناعية؟ كانت هذه الأسئلة جزءًا أساسيًا من تفكيرنا التصميمي حيث تقدمنا ​​في نهجنا لتحديد العلاقة بين البشر والطبيعة وكيف يمكن أن يكونوا أكثر ارتباطًا ببعضهم البعض. وفي هذه العملية أخذنا في الاعتبار أيضًا الخصائص العديدة للشخص العربي الذي كان حادًا في تفكيره النقدي الواضح طوال التاريخ. ومع هذا سرعان ما اكتسبت فلسفتنا مسارًا عمليًا، من خلال تطوير تقسيمات دقيقة تأخذ في الاعتبار الجوانب البيئية من خلال إضافة غطاء أخضر وتصميم مواقف السيارات بطريقة مبتكرة تساعد على تنقية الهواء المنبعث من عادم السيارة وتبريد الجو. أيضًا تم إعادة استخدام بعض المواقع الموجودة بناءً على القيم المبتكرة للإنسان، بالتوازي بشكل واضح مع قصة الإنسان مع الجبل وعلاقته به. إن الهدف الرئيسي لهذا المشروع هو جعله مجديًا اقتصاديًا ومستدامًا. من خلال تطوير العديد من المسارات لتوليد الإيرادات الناجحة وجعل الموقع مستداما ذاتيًا.

الجوانب الاقتصادية للمشروع:

حرصنا على الاهتمام بالجوانب الاقتصادية في تصميم هذا المشروع الهندسي ، من خلال تطبيق مبدأ الاستدامة ، وهو أحد ركائز المشروع. تم تقسيم الجانب التجاري (الاقتصادي) من المشروع وبنائه إلى ثلاث مراحل لتحقيق الهدف المنشود المتمثل في دعم المشروع مالياً، وإحداث نقلة نوعية في رفع متطلبات المواطنين في قطاع السياحة والترفيه، واستمرار الأداء ذاتيا للمشروع لتحقيق الكثير من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية وفق مخرجات رؤية المملكة 2030.

 

Back to Top
واتس آب