معلومات المشروع:

ثمة واقع يشير إلى أن الحداثة أهملت بعض المفاهيم والأعراف الحضرية الواردة من صلب التراث، ربما السبب في أن حداثتنا اليوم جلها قادم من الغرب،الذي لم يكن تراثه الاجتماعي كما في ثقافتنا حيث  كان الشارع (الزقاق-الحارة-العقد) في تراثنا فضاء مشترك للعامة يمارس به الجلوس على ناصيته ، أو التمشي أو لقاء الجيران وتبادل نفحات الود ،وأمسى المكان مسرح للتجاذبات الاجتماعية وتبادل الخبرات وإكتساب الأعراف بين الناس ،  بل كان الشارع  فضاء للعب الأطفال ورصد سلوكهم وتوجيههم وتربيتهم من قبل الكبار. 

 كل تلك الظواهر تحاشتها الحداثة ، فلم يعد الشارع بؤر للحراك والدرس الاجتماعي، بل وأقنص الشارع أهمية أكثر من مستخدميه من أثر سطوة السيارة التي هيمنت على الواقع التخطيطي بل أمست المدينة مرآب كبير يخدم السيارة أكثر مما يخدم الإنسان. كل ذلك حفزنا إلى إعادة النظر بتلك المعطيات وبعث الروح لتلك الأعراف وإدماجها بشجون الحداثة لخلق عالم مثالي ، وحسبنا أن هذا مناط بذوي الاطلاع التراثي والحس المرهف وأصحاب المقاصد التطورية الواعية والمنظور لتطور المجتمعات، بما يحرك حافز الإبداع والبناء الحضاري. وهذا ما سعى له مكتبنا ، وكان شاغلها الشاغل ومحور حواراتنا طوال وقت التحضير بإيجاد منظومات مدنية جديدة أو تأطير طبيعة العلاقة بين الشارع/ الإنسان، والإنسان/ الإنسان، ضمن سياق واسع دعوه قبل سنين قليلة بـ(أنسنة المدينة) الذي تطرق لمنطلقات واعية وغير مكلفة ،يمكن أن تأخذ طريقها للتطبيق، والتي نحاول أن نطور مفاهيمها فيما نسعى له. 

ثمة بؤر إستيطانية جاذبة في المملكة بعيدا عن المدن الكبرى، وهذا حس عالمي ، حينما ضجر الإنسان من الضجيج والفوضى والتلوث البيئي  في المدن، ومن ذلك رصدنا  وجود رغبة متزايدة "تصاعديا" في المجتمع السعودي للسكن في منطقة العلا الواعدة والصاعدة ضمن منظور الاهتمام الذي أحيطت به من لدن السلطات. وقد ساعدنا البحث المقارن الذي أجراه فريقنا حول أنماط التطوير المناسبة للمنطقة على ابتكار واقع "شوارعي" صالح ومستقطب للسكن ، بما يجسد و يعزز المبادئ الأساسية لهناء العيش والرغد المديني.

كل ذلك حدانا أن نتوجه إلى إضفاء لمسات مستجدة على بنى الشارع ومظهره، وذلك  من خلال خلق ممرات مشاة خضراء ومسار لركوب الدراجات ومساحات واسعة للحركة عند التقاطعات من أجل التدفق الحر لحركة المرور وعقد لميادين صغيره توظف لتجمعات صغرى لسكان الأحياء، من شتى الفئات العمرية. وحسبنا أن تطوير مفهوم البيئة الخضراء في البادية المحيطة، هو وسيلة وهدف بحد ذاته لخلق عوالم مستجدة ومستدامة للعيش الكريم والمرفه ، وحسبنا أنها الثيمة الأكثر تداولا فيما سعى لها المخططون والمعماريون في القرن الحادي والعشرين، بما يكرس فكرة التنمية المستدامة التي تستجيب لرغبات الإنسان وتحقق للبيئة ماتصبوا له، وترسم ملامح منظور واعد للحياة الحضرية والريفية. 

Back to Top
واتس آب